نافذة الجمعة

أحمد الجعبري والخيول التي لاتصهل

صحيح أن الكيان الصهيوني الغاصب قد بادر لأن تكون تهنئته للعالم الإسلامي بعامهم الهجري الجديد متميزة ومختلفة وفي ذات الوقت غادرة نابعة من التكوين النفسي للطبيعة اليهودية حيث نفذ عملية عسكرية دنيئة أسماها ( عمود السحاب ) اغتال خلالها أطهار من البشر قال عنهم سيد الخلق صلى الله عليه وسلّم ” لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من جابههم، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك” قالوا: وأين هم يارسول الله؟ قال: “ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس “.

وصحيح أن الحزن والأسى كشعور إنساني لابد وأن يأخذ محلّه في القلوب والعواطف تجاه هذه الجريمة النكراء والاغتيالات البشعة ؛ إلاّ أن الأصحّ هو أن ديننا العظيم وتاريخنا الإسلامي المجيد قد استقرّ فيه أن المنَح تخرج من جوف المحن وأن الموت حينما يكون استشهاداً في سبيل الله إنما هو حياة للآخرين ، بل هو قوّة دفع وانطلاقة لقضيتهم لأن تنتشر وتستعر جذوتها بين الناس . ومن أجمل كلمات الشهيد سيد قطب رحمه الله : “إن كلماتنا ستبقى عرائس من الشموع حتى إذا متنا من أجلها انتفضت حية وعاشت بين الأحياء “.

ولذلك فإن القليلين الذين كانوا يعرفون قبل يوم أمس شخص يسمى ( أحمد الجعبري ) . وبسبب أو في خضم الموازين المقلوبة والمقاييس العاجزة التي تظهر أبطال وهميين وقادة أمن وعسكريين فاشلين و( فاضيين ) فإن القليلين الذين يعرفون شخصاً يسمى ( أحمد الجعبري ) تطلق عليه دولة الكيان الصهيوني الغاصب ألقاب من مثل ” رئيس أركان حماس ” أو ألقاب تعبر عن خوفها وانزعاجها منه مثل ” أسامة بن لادن ” أو ” الشبح ” .

لكن اليوم ، بمجرّد اغتياله واستشهاده فإن اسم هذا البطل ( أحمد الجعبري ) قد لامس الآفاق في انتشاره وطارت الركبان بجهاده وأفضاله حتى غدت سيرته على كل لسان فأصبح الكثيرون يعرفون اليوم أن هذا الشهيد هو الذي أطلقت عليه قوات الجيش الصهيوني لقب مهندس المقاومة الفلسطينية إبّان حرب غزة عام 2008م ويعرفون أنه هو صاحب صفقة وفاء الأحرار التي تم بموجبها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط بعد احتجازه في عملية قادها وأشرف عليها الشهيد الجعبري أفرج في نهايتها عن ألف أسير فلسطيني بينهم (450) من كبار الأسرى الذين كانت ترفض الدولة الصهيونية الإفراج عنهم .

الكثيرون اليوم – وليس أمس – صاروا يعرفون أن إخواننا أهل الجهاد والرباط في فلسطين العزيزة قد أرّقت مقاومتهم وعملياتهم القادة الصهاينة إلى درجة أن يحتفلوا ويتبادلوا التهاني على قنواتهم التلفزيونية ووسائل إعلامهم  فرحاً باغتيالهم للشهيد البطل أحمد الجعبري الذي كتب قبل أيام قليلة وصيته أو رسالته لإخوانه المرابطين ، استشعاراً منه بقرب رحيله ودنوّ أجله ، قال فيها : “شلّت أيماننا إن نسينا ذرة تراب من فلسطين وإن نسينا أسرانا، أيها المجاهدون نراهن عليكم ونثق بكم يجب أن نكون على حسن الظن ونحن على العهد باقون ، لن نستريح حتى نحرر باقي وطننا فلسطين “. ووجه رسالة إلى إسرائيل قائلاً : ” أيها المحتل إنا قادمون وليس لك هنا إلا الموت والرحيل” ثم ختم بقوله ” أنا مطمئن اليوم على حماس ، شكلت جيشاً قوياً وأقر الله عيني بصفقة وفاء الأحرار ، وأتمنى أن ألقى ربي راضياً ” رضي الله عنه وأسكنه فسيح جناته فقد روى ذرى فلسطين بدمائه ودماء ابنه وإخوانه الطاهرة ، فهو يُعرف بين أقرانه بأنه أبٌ لشهيد وأخ لثلاثة شهداء .

سانحة :

تذهب أجزاء كبيرة جداً من ميزانيات دولنا العربية والإسلامية في نفقات تسليح الجيوش وتزويدها بمختلف أنواع الأسلحة وأحدثها لكنها تبقى في مخازنها حتى تصدأ . بينما حركة حماس وفصائل المقاومة الإسلامية في غزة تسلّح جنودها بمواد بدائية بسيطة غير مكلفة ؛ ومع ذلك يهدّدهم الكيان الصهيوني ويغتال قادتهم لالشيء سوى أن أبطالنا وقادتنا ( الوهميين ) صاروا خيول لاتصهل ..

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s