بعض التصريحات والبيانات التي تطالعنا بها الصحف ووسائل الإعلام المختلفة لاتراعي الناحية النفسية للمواطنين ولايحسب أصحاب هذه التصريحات أنها قد تثير حفيظة المواطنين أو تكون عامل استفزاز لهم . وربما يكون من الأولى عدم صدور تلك التصريحات والاحتفاظ بمضامينها سرّاً حتى إذا ما تحققت على أرض الواقع جاز البوْح بها رغم أنها هي من صميم عمل تلك الوزارة أو تلك الجهة ولايحتاج أمر القيام بها للتصريح والإدلاء بخبر صحفي عن قيامها بمهمة أصيلة في اختصاصاتها وواجباتها .
مناسبة هذا الكلام هو تصريح وزارة البلديات والتخطيط العمراني في بداية هذا الأسبوع في الصحف المحلية الذي جاء فيه ” تم توجيه البلديات بتعزيز وتكثيف الرقابة على السواحل العامة والواجهات البحرية في مختلف مناطق المملكة والتحقق من الالتزام بالأنظمة والقوانين ومنع أي ردم عشوائي او رمي للمخلفات أو الانقاض في هذه المناطق بصورة خاصة ” وأنه ” تم التوجيه بإحالة أي مخالفين للجهات القانونية المختصة في المملكة ” وأضاف الخبر أن ذلك يأتي ” بناء على توجيهات الحكومة تولي الواجهات البحرية والسواحل العامة اهتمامها نظرا إلى ما تمثله من مواقع عائلية للعموم ضمن معطيات الاستراتيجية الوطنية 2030 والرؤية الاقتصادية للمملكة “
مشكلة هذا التصريح تكمن في أمرين : أولهما : أن هذه المهمة والرقابة يُفترض وجودها من الأصل ، وأن إحالة المخالفين للقانون أيضاً يُفترض أنها موجودة ومعمول بها . وهاتين المهمتين ليسا في حاجة للتوجيه من أجل القيام بهما ، وكذلك ليسا في حاجة للإعلان والتصريح الصحفي عن القيام بهما . وثانيهما ( وهو الأهم ) : أن هذا التصريح يتحدث عن الواجهات البحرية والسواحل العامة !! وأحسب أن كثرة من الناس الذين استفزهم هذا التصريح كانوا يتمنون على الوزارة أن ترفق بهذا التصريح أسماء وأماكن هذه الواجهات البحرية والسواحل العامة التي ستعزز الرقابة عليها باعتبار أن عموم المواطنين والمقيمين لايعرفون أن لدينا سواحل عامة ( عامة وليست خاصة ) تتوفر فيها المعايير والمقوّمات المعروفة لمسميات السواحل العامة ، يمكن أن يلجأ لها الناس وعائلاتهم مثلما ورد في التصريح الصحفي المذكور .
سانحة :
قال الشاعر أبوالطيب المتنبي
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتـأتـي على قدر الكريم الكرائم
وتكبر في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم