بتاريخ ٤ أغسطس ٢٠١٢ أعلن الأخ الفاضل النائب علي المقلة عندما كان نائبا لرئيس مجلس المحرق البلدي تحميله وزارة الثقافة مسؤولية تأخير تطوير سوق القيصرية بالمحرق مشيراً إلى ارتفاع احتمال تعرض السوق لكارثة ! وطالب بالعمل فوراً على تنفيذ التطوير المرتقب على أن يكون التركيز على توفير مقومات السلامة التي تحمي السوق والعاملين فيه والمرتادين .
لم يكن المقلة وحيداً في هذا التحذير ، وإنما تبعه في ذات العام ، أي مايقارب الثلاث سنوات من الآن ، تحذير أقوى ، صدر بعده بشهر واحد ، بالضبط في ٣ سبتمبر ٢٠١٢ وتداولته صحافتنا المحلية تحت عنوان ” سوق المحرق ينذر بكارثة بشرية وتجارية ” جاء فيه مايلي : ” قامت الجهات الأمنية والبلدية في المحرق ولأول مرة بشكل رسمي بتسجيل سوق المحرق وسوق القيصرية على أنه مهيأ لحصول كارثة بشرية وتجارية . وتم ذلك خلال زيارة قام بها مجلس المحرق البلدي ويمثله ممثل الدائرة الخامسة غازي المرباطي، وبلدية المحرق ويمثلها رئيس قسم التفتيش والمتابعة المهندس وليد الذوادي، وعن إدارة الدفاع المدني بوزارة الداخلية وكيل شرطة محمد صالح وعدد من مرافقيه. وقد تغيبت وزارة الثقافة عن حضور الزيارة رغم تلقيها دعوةً رسمية بصفتها المسؤولة عن تطوير سوق المحرق والقيصرية. هذا وأكد الدفاع المدني في هذه الجولة مخاوف مجلس المحرق البلدي وعدد من المواطنين والتجار الذين صرحوا مراراً وتكراراً بأن السوق خطرويهدد بتكرار كارثة سوق مدينة عيسى الشعبي. وقد تبين أن الأسقف بالفعل وضعها خطير علماً أنها تسمى بالأسقف مجازاً، وذلك من حيث احتمال تعرضها إلى انهيار في أي لحظة بسبب تهالكها. كما أنها من الأساس مخالفة للمعايير البلدية لكونها مصنوعة بجهود ذاتية من بعض أصحاب المحلات والذين صنعوها باستخدام الأخشاب والأقمشة ومواد أخرى قابلة للاشتعال بحسب تأكيدات الدفاع المدني. وأكد محمد صالح أن الحريق لو حصل لا سمح الله فسوف يمتد من محل إلى آخر بسرعة شديدة إلى أن يلتهم السوق بشكل سريع، وهذه المرة قد تقع خسائر بشرية جسيمة في الأرواح والأموال “
وبالنظر إلى جدية هذه التحذيرات التي أطلقتها جهات رسمية مختصة – لاحظوا جهات رسمية وليست خاصة أو أهلية – على مستوى البلديات والدفاع المدني ، وبالنظر أكثر إلى أن هذه التحذيرات قد تم إعلانها في مختلف وسائل الإعلام بألفاظ مفزعة ومخيفة ومثيرة للقلق مثل ” كارثة بشرية ” و” كارثة تجارية ” و ” انهيار ” . بالنظر إلى كل ذلك ؛ كان المتوقع إغلاق السوق فوراً ، وبدون تأخير أو تردّد ، منعاً لوقوع الكارثة التي صدر بشأنها كل هذه التحذيرات ( الرسمية ) ، وأن يعقب هذا الإغلاق تطوير هذا السوق الحيوي والتراثي أو على الأقل تعديله بما يتوافق مع تحقيق الحد الأدنى من السلامة المطلوبة لحفظ الأرواح والممتلكات.
في كل بلاد الدنيا حينما تظهر جهات رسمية – لاحظوا جهات رسمية وليست خاصة أو أهلية – وتعلن وتحذر من احتمالية وقوع خطر بمستوى كارثة ( كارثة ) في منطقة ما ، فإن متطلبات الخوف على حياة الناس ومعاشهم وأرزاقهم تستوجب اتخاذ إجراءات – أية إجراءات – يسمونها احترازية تمنع وقوع الكارثة أو تطمئن مواطنيها بهذه الاحتياطات التي تمنع وقوع الكارثة .
غير أنه للأسف الشديد ؛ لم يحدث عندنا شيئا من هذا القبيل ، ولم يجر التعامل مع هذه التحذيرات بما يناسبها من جدية وحرص واحتياطات قلنا أنه معمول بها في كل بلاد الدنيا ! حتى جاء تاريخ ٢ يونيو ٢٠١٤ – بعد مضي سنتين من التحذير بوقوع كارثة – ليشهد هذا السوق اندلاع حريق كبير فيه قضى على مايقارب الأربعين (دكانا) فيه . وكعادتنا في الاحتفال بالأضرار والمصائب ؛ تجمّع المسؤولون في موقع الحريق وأخذوا صور فوتوغرافية لهم أثناء تواجدهم وكرروا ذات التحذيرات ، وأكدوا أن السوق بحاجة ماسة للتطوير وزيادة متطلبات السلامة والحماية للأرواح والممتلكات . ثم انتهت تصريحات مناسبة اندلاع الحريق و( انفضّ السامر ) ليكون أهالي المحرق بعد مرور عام على حريق سوقهم على موعد مع حريق آخر في سوقهم مساء الخميس الماضي !! وأتوقع أن تخرج علينا ذات التصريحات ( كوبي بيست ) وستكون ذات الإجراءات ، أقصد بدون إجراءات ، ليبقى الكلاكيت كما هو ، بدون تغيير ، انتظاراً لمناسبة حريق آخر ..