راصد

مهندسة عاطلة عن العمل !

تصلني بين حين وآخر رسائل وشكاوى تتعلق بطلبات الحصول على وظيفة ومغادرة العالم السيء للبطالة ، ويتمنون مساعدتهم من خلال عمودي الصحفي لإيصال طلبهم وشكواهم وربما ضجرهم من بقائهم بلا عمل ، في وقت تشتد حاجة الناس لإيجاد مصدر دخل لهم ، وبعضهم يكونون في حرج مع أهاليهم الذين أنفقوا عليهم لسنوات وسنوات وبذلوا في سبيل ذلك الغالي والنفيس انتظاراً لأن يعتمد ابنهم على نفسه ويشق طريقه في الحياة ، بل يريدونه عوناً لهم وعضيداً في مواجهة مصاعب الحياة ، فإذا بالعجلة تتوقف ويصبح أملهم رقماً جديداً في إحصائيات العاطلين عن العمل .

لا أتكلّم هنا عن المتخرجين من الثانوية العامة الذين ضاقت أمامهم فرص العمل ، وربما تحددت في وظائف دنيا ، من فئة مراسلين وفنيين وفقط ، وهي مسألة تحتاج إلى إعادة نظر والبحث في مكامن الخلل في أن الطالب بعد دراسة وتحصيل علمي يقارب الـ (12) عاماً ؛ لايكون متاحاً أمامه إلاّ مثل هذه المجالات من العمل المتواضعة جداً وبضع فرص بعثات ومنح جامعية لاتتناسب مع أعداد الأفواج – وهي في خانة الألوف – التي تتخرج من الثانوية العامة كل عام .

ليس هؤلاء موضوعي رغم أن مخاطر ترك أو التهاون في استيعابهم في الجامعات أو الأعمال ؛ هي مخاطر كبيرة ، ولها انعكاسات سيئة ؛ إنما أتحدّث عن خريجي جامعات ، قضوا أجمل سنوات أعمارهم ، يتعلمون ويتحصلون بين ( السبّورات ) والمختبرات ، وعلى الكراسي والمناضد ، انتظاراً وترقباً لأيامهم الجميلة ، فإذا بهم أيضاً يكونون أرقاماً في قوائم العاطلين والباحثين عن عمل !

بين يدي اليوم قصة إحدى هؤلاء الخريجات ، قضت (6) سنوات من الدراسة الجامعية في جامعة البحرين ، بكل جهد ومثابرة ، وصبر واجتهاد ، وفي تخصص صعب ، وكانت تحسب أنه – هذا التخصص – كما الدولار في سوق العمل . حيث تخصصت في الهندسة المدنية ، والعارفين يدركون قيمة أن يتخرج شخص في الهندسة المدنية من جامعة البحرين .

مضت ثلاث سنوات بعد تخرجها ، وهي تبحث عمل كانت تحلم به قبل أن تتخرّج ، كانت ترسم في مخيلتها صوراً جميلة عن ماسوف تتقنه وتبدع فيه ، الأمنيات كثيرة ومتتابعة إبّان دراستها التي أحبتها وتفوّقت فيها دون أن تعرف أنها ستظل بعد التخرّج أسيرة الجدران ، وضيف لعدة سنوات في سجلات العاطلين .

تقول مهندستنا ( العاطلة حتى الآن ) أنها قدمت أوراقها في كل مكان ، أدّت امتحانات ودخلت مقابلات لكنها شعرت أن الرفض يأتي لسبب كونها ( أنثى ) ممن يرون أن هذا المجال للذكور ! لكنها لازالت يحدوها الأمل ، كلّ الأمل بمن يزيل هذه العنصرية والبطالة ( المفتعلة ) . وبدوري أتمنى على المسؤولين في ديوان الخدمة المدنية أو وزارة العمل أن يتبنوا هذه المهندسة العاطلة وألاّ يتركوا مثل هذه التخصصات تطول بهم سنوات البطالة . كما أرجو من المجلس الأعلى للمرأة أن ينظر في هذه المسألة في إطار ما يتوجهون إليه من تمكين للمرأة ..

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s