المقالات

نقلق .. لكننا نثق في تدبير المولى عز وجل

يغوص الكثيرون هذه الأيام في تفاصيل الأزمة الاقتصادية والتداعيات الناشئة عن انهيار أسعار النفط وتهاوي ( البورصات ) وتعاظم العجوزات المالية ، ويوغلون في التحليلات ويترقبون القادم من الأيام بجزع وقلق ربما يُفسد عليهم حياتهم وينغّص عليهم علاقاتهم وممارستهم لشتى نواحي معيشتهم . خاصة بعدما طالت إجراءات التقشف جوانب رئيسية من مكاسبهم وباغتتهم – مؤخراً – في الرفع المفاجيء لأسعار الوقود وماقد يترتب على ذلك من ارتفاعات مصاحبة في بقية السلع والخدمات . الإشاعات والتوقعات لاتكاد تهدأ ، ربما لم يبق شيئاً لم ينل نصيبه منها ، بدءاً من أنواع الدعم المختلفة ثم مناحي الغلاء المتعددة والرسوم المتنوعة وانتهاء بالتقاعد والمتقاعدين.

بعض هذه التحليلات والتفسيرات والإشاعات والتأويلات تتكلم عما سيجري على وجه القطع واليقين ، وآخرون علامات الخوف لاتغادر محيّاهم وآخرون سدّت عليهم مشاعر الإحباط كل وسيلة للفرح والسرور . البعض صار يتنبأ ويضرب أخماساً في أسداس ، تخرّصاته يصفها بأنها أمور ستقع لا محالة . كثيرون تتملّكهم نزعة التشاؤم وتتضاءل لديهم روح التفاؤل  ، اللون الأسود طغى على البياض ، الكآبة أو الإحباط ومعهم ترقّب القادم هي مشاهد تكاد تتسيّد المشهد ، وتتصدّر مجالس الناس ومنتدياتهم .

كل هؤلاء ؛ لاشك أنهم معذورون ، فالأوضاع المعيشية الصعبة لاتحتمل المزيد من هذه الإجراءات ، وهي أصلاً كانت تنتظر التحسين وتتأمل الزيادة وتطمح إلى التعديل وتتطلع للأفضل  ، ولم يكن في حسبانها ووارد فكرها أبداً أن يحصل عكس ذلك ، لاسيما في ظل وعود وتعهدات بعدم المساس بالمواطن أو الإضرار به .

غير أنه في كل هذا التزاحم في التحليلات والتوقعات والترقبات ننسى أن لهذا الكون خالق يدبّر الأمر فيه ، ويغيب عن بالنا أن تقديرات البشر مهما كانت قوَتها ودقتها ، أو مهما ترتبت تحليلاتها ومعطياتها فإن هنالك ربَاً نلجأ إليه هو العظيم الذي بيده مقادير هذا الكون ، وهو الرحيم الذي تتوجه إليه أكفّ الضراعة بأن يلطف بنا ويحفظنا من كل سوء ومكروه  . للأسف الشديد فإننا نعطي لكل شيء في مثل هذه الأزمات مكانه وأهميته ، بينما ننسى الرزاق الوهّاب القادر على كل شيء الذي بيده ملكوت السموات والأرض ، القائل في محكم التنزيل “يا أيها الناس ضُرب مثلٌ فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإن يسلبْهم الذباب شيئًا لا يَستنقِذوه منه ضَعُف الطالبُ والمطلوب ” . نخاف لكننا نلجأ إلى الله ، نقلق لكننا نثق في تدبير المولى عز وجل ، ونعمل لكننا نتيقن أن التوفيق والسداد منه سبحانه وتعالى .

سانحة :

من الأقوال المأثورة عن فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله “إن لم تستطع قول الحق ، فلاتصفق للباطل”.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s