إذا تخلّف مواطن عن السداد لأحد البنوك،سواء المصنّفة بـ (الإسلامية) أوغيرها فإنه سيواجه عدّة إجراءات – ربما أغلبها منزوعة الرحمة والشفقة- أخفّها إعادة الجدولة المتضمنة زيادة الفائدة والمبلغ الإجمالي للبنك ثم مروراً بالمنع من السفر ووضع اليد على حساباته أو ممتلكاته،وقد ينتهي به المآل بأن يكون في السجن ويجد أهله وأقاربه أنفسهم يتسوّلون المساعدات والزكوات لأجل ردّ ماعلى سجينهم من أموال للبنك. هذا حال المواطن إذا لم يسدّد الأموال المستحقة عليه للبنك.
لكن ماذا لو حصل العكس؟ أي إذا تخلف البنك عن سداد أموال المواطن ؟! أعرف أن الجواب صعب، فالبنك في حالة تخلفه عن سداد وإعادة أموال المواطن لايترتب عليه أي شيء من تلك الإجراءات المتخذة ضد المواطن في حال تخلّفه عن السداد للبنك، لالشيء سوى أن المعادلة المعمول بها أن المواطن هو الطرف الأضعف الذي عليه أن يتحمّل الغُرْم مهما كانت مبرراته وظروفه وضوائقه بينما الطرف الآخر(البنك) يكون معذوراً فهو يمرّ بضائقة وظروفه صعبة و…إلخ. فالمواطن بصفته (الطرف الأضعف) هو حمّال تبعات الأزمات وحمّال آثار العجوزات وحمّال نتائج فشل الآخرين في إدارة مؤسساتهم وهيئاتهم و(بنوكهم).
تقول القصّة،قمت بإيداع أموالي ومدخرات الأبناء منذ صغرهم في أحد البنوك المصنفة بـ( الإسلامية) بشهادة ضمان من البنك لتلك الأموال وأرباحها لمدة معينة وبأرباح محدّدة في العقد المكتوب للأسف الشديد باللغة الإنجليزية،ولكم أن تتصوروا أن بنكاً إسلامياً في بلد عربي لايعتمد لغتنا العربية العظيمة (لغة الإسلام) في عقوده ومراسلاته!!
– مع بداية جائحة كورونا في شهر مارس 2020م رفض هذا البنك أي طلب لسحب الأموال أو أي جزء منها بحجة تضرّره من تداعيات الجائحة. ولاحظوا أننا الآن بفضل الله تعالى ثم قيادتنا الرشيدة وجهود الفريق الوطني وصلنا إلى نهاياتها وانتقلنا للمستوى الأخضر.
– بتاريخ 25 يناير 2021طلب البنك تمديد فترة الاستثمار ستة أشهر بعدما انتهت المدة المتفق عليها. صاحب المال رفض كتابياً التمديد وطلب سحب أمواله ومدخرات الأبناء فوراً لكن البنك رفض وبقيت الأموال ومدخرات الأبناء في البنك غصباً عن إرادة صاحبها وأبنائه ومن دون موافقتهم على التمديد،وتجاوزاً لشهادة الضمان على الأموال وبخلاف الإجراءات القانونية و(الشرعية) المتبعة واللوائح المفترضة!يمكن هنا للقراء الكرام المقارنة العكسية التي ذكرناها في البداية، لو أن هذا الفعل بدر من المواطن تجاه البنك ، أي لو أن المواطن – من تلقاء نفسه ودون موافقة البنك- هو الذي أخر سداد المال وامتنع عن رده.
ومع ذلك؛ وبتاريخ 25 يوليو الماضي انتهت فترة الستة الأشهر التي طلبها البنك لتمديد فترة بقاء الأموال،والتي – أصلاً – لم يحصل على الموافقة وقام البنك بالتمديد عنوة وبـ (الغصب) لكن الأموال لم ترجع أيضاً حتى بعد انتهاء هذه الستة أشهر (المغصوبة)!
تم اللجوء إلى المصرف المركزي باعتباره الجهة المسؤولة والمشرفة على أعمال البنوك والرقابة عليها،وباعتباره -وهو الأهم – الجهة الرسمية المناط بها حماية أموال المودعين في البنوك بحسب النص القانوني الصريح الموجود في القانون رقم (14) لسنة 2020 م بشأن مصرف البحرين المركزي الذي يقول في مادته الأولى تحت عنوان (أغراض المصرف المركزي) في البند رقم (٥): “حماية المودعين وعملاء المؤسسات المالية وتعزيز الثقة في مكانة مملكة البحرين كمركز مالي عالمي” . لكن المصرف المركزي استكثر – للأسف الشديد – حتى الرد الكتابي على الشكوى الكتابية واكتفى بالاتصال الهاتفي وخلاصته: بأن شهادة الضمان لأموالك هي من البنك نفسه ، وأن التمديد بدون موافقتك مخالف، والبنك -(الطرف الأقوى)- يمرّ بظروف نساعده على تجاوزها ،لكنك -(الطرف الأضعف)- أمام خيارين: أولهما المزيد من الصبْر والانتظار. وثانيهما اللجوء للقضاء. وفقط !! (تعبير الطرف الأقوى والأضعف من عندي)
وبالطبع لم يكن في وارد البال أو التفكير إطلاقا عند اللجوء للمصرف أن يكون هذا الرد (الشفهي) هو تفسير ومدلول عبارة (حماية المودعين) الواردة في التشريع القانوني المتعلق بأغراض إنشاء المصرف المركزي .
وبالتالي هل يمكن لأي بنك أن يحتجز ويستولي بهذه السهولة على أموال مواطن ومدخرات أبنائه جهاراً نهاراً بعدما استأمنها لديهم،ويتنكّرلشهادة الضمان البنكية الصادرة منه أصلاً، ثم يمدّد هذا البنك بقاء الأموال – بالغصب- بعد انتهاء فترة الاستثمار، ثم أيضاً يبقيها حتى بعد انتهاء فترة التمديد التي طلبها ونفذها عنوة وغصباً عن صاحب المال وأبنائه!!ويتم ذلك بعلم ومعرفة جهة الإشراف والمراقبة على أعمال البنك والجهة الرسمية المسؤولة (قانونا) عن حماية أموال المودعين . ثم يُقال لك اصبر أو يمكنك استرجاع أموالك ومدخرات أبنائك في البنك من خلال القضاء -بالطبع- سيكون مخصوماً منها حينئذ مالايقلّ عن (10%) مابين رسوم وتكاليف الدعوى والمحاماة بعدما استودعها كاملة غير منقوصة لدى هذا البنك (الإسلامي)؟!! وهل يمكن أن نثق -فعلاً- أن أموالنا في البنوك بأيْد أمينة وفوقها أيادي مؤسسات رقابة وإشراف تحمي تلك الأموال من الضياع وتمنع احتجازها أو الاستيلاء عليها ؟ إذن من يحمي أموالنا في البنوك ويعيدها ؟!
سانحة :
بتاريخ 17 أغسطس الماضي تم توجيه رسالة إلى الهيئة الشرعية للبنك المذكور بطلب رأيهم الشرعي باعتباره ( إسلامي) في التالي :
1- رفض بنككم الموقر تنفيذ ماورد في شهادة الضمان الصادرة منه التي تشمل (سداد الأموال مع أرباحها في حال عدم تمكن شركة المشروع من سداد تلك المبالغ عند موعد استحقاقها المنصوص عليه) وقد تجاوز بنككم هذا الموعد بما يقارب ثمانية أشهر.
1- قيام بنككم الموقر في 25 يناير 2021 عنوة بتمديد فترة الاستثمار لمدة ستة أشهر رغم رفض أصحابها كتابياً وغصباً عنهم.
3- استمرار رفض بنككم الموقر إعادة الأموال بعد انتهاء فترة التمديد ( الستة أشهر) المغصوبة أصلاً التي انتهت في25 يوليو 2021م.
وللأسف الشديد فإن الهيئة الشرعية للبنك التزمت الصمت ولم ترد على الرسالة حتى الآن!