أصبح مشاهدة الشاحنات والصهاريج المحملة بالوقود في شوارعنا الرئيسية أو الفرعية في ظل حركة الازدحام المروري فيها مثاراً للخوف والقلق من أن هذه الصهاريج بما تحمله من مواد خطيرة وقابلة للاشتعال بصورة قد تصل – لاسمح الله – إلى حدّ الكارثة بالنظر إلى ضيق الشوارع فضلاً عن زحمتها واضطرار هذه الصهاريج لكثرة التوقف فضلاً عن مرورها على مناطق قريبة من الأحياء السكنية .
على أن ماهو أخطر من ذلك هو محطات الوقود نفسها التي أصبح الكثير منها في مراكز المدن ووسط مناطقها السكنية مع ماتحمله من تهديدات على البيئة والسلامة ، يصعب الاستمرار في تركها كمهدّد يزداد خطره ، سواء في مكان وجودها أو الصهاريج التي تصل إليها لتعبئتها بالوقود .
بعض الدول الشقيقة وضعت اشتراطات حازمة للترخيص لإقامة محطات الوقود ، ومن ذلك المملكة العربية السعودية الشقيقة التي أصدرت في العام 2013م لائحة تضمنت قائمة اشتراطات لمحطات الوقود ، جاء فيها بالإضافة إلى المعايير الفنية للوقاية والسلامة داخل تلك المحطات ؛ اشتراط أن تكون المحطة بعيدة عن المصانع والمدارس وقصور الأفراح والمستشفيات بحيث يفصل موقع المحطة عن هذه المنشآت مسافة لا تقل عن (25) متراً، سواء كانت شارعاً أو أرضاً مخططة أو غيرها، ويلزم الحصول على موافقة الجهات الأمنية قبل الموافقة على التصريح بإقامة المحطة في حالة كون الموقع يبعد عن حدود المنشآت العسـكرية أو مهابط الطائرات مسافة تقل عن (1000) متر من حدود موقع المحطة.
كما تم الاشتراط في السعودية على ألا تقل أقرب مسافة بين محطة الوقود وبين المحلات التي يستخدم فيها مصادر اللهب مثل المطابخ أو المخابز أو المقاهي أو المطاعم عن (30) متراً، وتقاس هذه المسافة من الحدود الخارجية لموقع المحطة والمحل .
وأترك للقراء الكرام فرصة البحث عن محطات وقود حواليهم لاتنطبق عليها مثل هذه الاشتراطات ، بعضها بالقرب من مدارس أو مساكن أو فنادق أو … إلخ ، وبعضها تحيط بها مطاعم وربما تختلط رائحة المواد الإيثيرية مع أكلاتها ووجباتها . وقد يُقال في الرد على ذلك أن هذه المحطات قديمة في مواقعها ، تم إنشائها قبل أن تحيط بها محلات ومدارس ومطاعم ( تخربط) اشتراطات السلامة وتقوّض معايير الحماية .
غير أن المحطة الجديدة للوقود في قلالي ؛ قد سارت على نفس خطى سابقيها من المحطات في أوساط المدن ، بين مرافق الناس ومعايشهم ومساكنهم ، غيرعابئة بأية اشتراطات مفترضة ومستجدّة . ومن يطلع على موقعها في قلالي الآن يُدرك مقدار خطرها على جيرانها من بيوت ومحلات ومسجد كان يُفترض أن تكون بعيدة عنهم ، وما أكثر المساحات الشاسعة التي تم دفنها في محيط منطقة قلالي وكان يمكن استغلالها في إنشاء محطة وقود مكتملة أركان السلامة ومستوفية لاشتراطاتها.
ومما يزيد من تأكيد المخاوف من أخطار قرب محطات الوقود من الأحياء السكنية أن هذه المحطة – محطة قلالي – كان المؤمل افتتاحها في شهر ديسمبر الماضي لكن بعض الفحوصات الهندسية كشفت وجود تسريبات – حسبما يُقال – قرروا على إثرها تأجيل افتتاحها حتى إشعار آخر ! ولكم أن تتصوّروا لو تم افتتاحها آنذاك وهي بهذه التسريبات المعيبة ؛ ياترى : ماهو الخطر المحدق بالناس ؟!!
سانحة :
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه :” إذا وضعت الوضيع فوق قدره فتوقع منه أن يضعك دون قدرك ” .