نافذة الجمعة

“حارة كل مين إيدو إلو “

يُعد مسلسل صح النوم من أشهر المسلسلات الكوميدية العربية التي عُرضت في السبعينيات والثمانينيات وحصلت على قبول من جمهور المشاهدين الذين صاروا لا يملّون من إعادة مشاهدته حتى لو عُرض عليهم عشرات المرات . صحّ النوم عمل فني سوري من بطولة الفنان دريد لحام الذي أخذ دور غوار الطوشة وشخصيات أخرى كأبو عنتر وفطوم حيص بيص وأبو كلبشة. و تدور أحداث القصة في منطقة أُطلق عليها “حارة كل مين إيدو إلو ” ويتنافس فيها غوار الطوشه (دريد لحام) وحسني البرزان (نهاد قلعي) على قلب وحب فطومه حيص بيص (نجاح حفيظ) وقد نجح هذا المسلسل المؤلف من (13) حلقة بشكل منقطع النظير لانتقاده عدد من الظواهر السلبية في المجتمع بأسلوب  لايخلو من المرح والفكاهة البسيطة التي يندر وجودها الآن في المسلسلات العربية .

و أكثر ما كان يُلفت في هذا المسلسل هو اسم الحارة “حارة كل مين إيدو إلو ” الذي كان يبدو للمشاهدين آنذاك مثاراً للضحك والتهكم خاصة إزاء المقالب الكثيرة التي كان يدبرها غوار الطوشة من بنات أفكاره الماكرة لغريمه حسني البرزان دونما حسيب أو رقيب ولا تتدخل السلطة  ( أبوكلبشة ) إلاّ بعد أن يقع الفأس في الرأس .

 على أن اسم الحارة “حارة كل مين إيدو إلو ” الذي اخترعه هذا المسلسل مضى فيما بعد مثلاً قائماً يتم الاستشهاد به تجاه أوضاع كثيرة يغيب فيها القانون أو تُستضعف فيها هيبة السلطة ويهتز بسبب ممارستها مفهوم الدولة الذي يعني السيادة والشرعية المنضوية تحتها عدد من المؤسسات القانونية والإدارية والاقتصادية وتستظل تحتها التنظيمات الاجتماعية والمدنية وسائر الوسائل الضرورية لإدامة الدولة والحفاظ على إنجازاتها ومكتسباتها ، وحماية أمنها واستقرارها وضمان تطبيق النظام والقوانين، وتوفير المناخ الملائم لممارسة مواطنيها حياتهم بشكل طبيعي وفق ماتتطلبه أساسيات المواطنة الصالحة.

وأوضاع “حارة كل مين إيدو إلو “ مصطلح يمكن أن نسقطه على ظواهر لا حصر لها كبعض الاعتصامات والاحتجاجات التي قد تريد أن تأخذ حقّاً ليس لها ويمكن أن نراه – المصطلح – في الاعتداء على رجال الأمن أو التشكيك في أحكام القضاء . هذا المصطلح أو المثل لا نفقده أيضا أمام عمليات الدفان التي تجري في البحر واستحواذها على مدخرات المواطنين والأجيال القادمة وتسببها في تدمير الثروة السمكية وخسارة أو قطع أرزاق الصيادين . وقد يبدو اصطلاح “حارة كل مين إيدو إلو ” شديد الوضوح تجاه الارتفاعات المتوالية في أسعار العقارات والبضائع والمواد الغذائية والخدمات حيث بإمكان أي تاجر أن ينام ويصحو فيقرر رفع أسعار مبيعاته على أرض الواقع وليس – بالطبع – في مسلسل صح النوم .

أضف تعليق